صندوق النقد يقترح برنامجاً اقتصادياً «توافقياً» لتونس
بعد نحو أسبوع من انطلاق المحادثات الفنية الافتراضية بين تونس وصندوق النقد الدولي، وقبل يوم واحد من انتهاء هذه المحادثات، تمحورت جلسات الحوار خلال الفترة الماضية حول صياغة برنامج توافقي للإصلاح الاقتصادي، يكون مشتركاً بين الحكومة التونسية واتحاد الشغل (نقابة العمال) لإنجاح المفاوضات المتوقع انطلاقها بصفة جدية، إثر تقييم بعثة الصندوق لزيارتها الافتراضية التي نفذتها من 14 إلى 22 فبراير (شباط) الحالي.
ومثَّلت الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية التي تفادتها الحكومات التونسية السابقة، أهم محاور النقاش بين الطرفين. وتشترط بعثة الصندوق موافقة بقية الشركاء الاجتماعيين على هذا البرنامج، للحصول على التمويلات المالية الضرورية لميزانية الدولة.
ويلمح صندوق النقد الدولي إلى الارتدادات الاجتماعية المحتملة، في حال نفذت الحكومة تلك الإصلاحات التي ترتكز على مراجعة الدعم، وإقرار الأسعار الحقيقية لعدد من المواد الاستهلاكية، علاوة على الضغط على كتلة الأجور، والالتزام بعدم المطالبة بزيادات في الأجور، مع منع الانتدابات في المؤسسات الحكومية، في انتظار تعديل الموازنة العامة.
وإثر إجراء مؤتمر انتخابي جديد لاتحاد الشغل، وانتخاب نور الدين الطبوبي من جديد على رأس نقابة العمال، من المنتظر أن يكون الاجتماع الذي يجمع رئيسة الحكومة نجلاء بودن بالقيادات النقابية من أولويات عملها، وذلك بهدف الاتفاق حول الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، قبل التوجه إلى صندوق النقد، مما سيضاعف حظوظ نجاحه.
وتسعى تونس للحصول على قرض مالي بقيمة 4 مليارات دولار لتمويل ميزانية الدولة، ومن شأن الاتفاق مع الصندوق أن يمنح الضوء الأخضر لبقية المؤسسات المالية الدولية، للإقبال على تمويل الاقتصاد التونسي المتعثر.
وكانت تونس قد حصلت على قرض مالي قيمته 2.9 مليار دولار خلال الفترة الممتدة بين 2016 و2020، ولم تنجح في تجديد الاتفاق، نتيجة الإخلال بعدد من التوصيات التي أقرها صندوق النقد، واشترط توفرها لمواصلة إسناد القروض للاقتصاد التونسي.
في غضون ذلك، قال عز الدين سعيدان، الخبير الاقتصادي التونسي، إن قرار الرئيس التونسي قيس سعيد بإحداث لجنة للتدقيق في الأموال الممنوحة لتونس بعد 2011، هو «قرار محفوف بالمخاطر، ويعد خطراً على البلاد»، على حد تعبيره. وأكد أن إحداث هذه اللجنة يمثل «اعترافاً ضمنياً بفشل جميع الهيئات الرقابية ومحكمة المحاسبات أيضاً، وبأن تونس دولة غير مسيطرة على مواردها المالية».
وأضاف سعيدان أن إثبات السرقات للمال العام سيخلِّف صورة «سيئة جداً» عن تونس لدى المؤسسات المانحة، أما في حال عدم إثبات تلك السرقات، فإن رئيس الدولة سيكون في موقف حرج، على حد قوله. واستبعد وجود نهب للأموال أو تحويل وجهتها؛ لكن يمكن القول إن الدولة لم تحسن التصرف في القروض والهبات منذ 2011.
على صعيد آخر، أطلقت الوكالة التونسية للنهوض بالاستثمار الخارجي (حكومية)، فيلماً ترويجياً مدته 4 دقائق، تحت عنوان «استثمر في تونس»، وذلك في إطار استراتيجيتها لتعزيز موقع تونس كوجهة استثمارية جاذبة للاستثمار الأجنبي، ودعماً للسياسات العامة في مجال استقطاب الاستثمارات الأجنبية، وإحداث المشروعات، ودفع التشغيل والتنمية.
وعن هذا الفيلم الترويجي، قال عبد الباسط الغانمي، المدير العام لوكالة النهوض بالاستثمار الخارجي، في تصريح إعلامي، إن الهدف من ذلك هو تعزيز إشعاع تونس، ودعم مكانتها كوجهة مستقطبة للاستثمارات الخارجية، من خلال مزيد من التعريف بموقع تونس وبأهم مكتسباتها وميزاتها التفاضلية؛ خصوصاً المتصلة بالتجديد والتطوير التكنولوجي، وذلك بهدف تمكين المستثمرين الأجانب من التعرف والاطلاع على الحوافز التي تدفعهم للاستثمار في تونس، على حد تعبيره.
يذكر أن تونس تستعد لتنظيم 3 تظاهرات اقتصادية كبرى، وهي: منتدى تونس للاستثمار المزمع تنظيمه في يونيو (حزيران) المقبل، والقمة الثامنة لمؤتمر طوكيو الدولي للتنمية بأفريقيا (تيكاد 8) التي ستنعقد أيام 27 و28 أغسطس (آب) 2022، وكذلك المنتدى الاقتصادي للفرنكفونية الذي سيلتئم على هامش القمة الفرنكفونية التي تحتضنها تونس يومي 19 و20 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل.