قال العاهل المغربي الملك محمد السادس، إن التعاون للنهوض بالأوضاع الاقتصادية لبلدان القارة الأفريقية، مشيراً إلى أن للمغرب قناعات ثابتة وإنجازات مهمة في هذا السياق، من خلال الالتزام المستمر والمشاريع المهيكلة، على غرار مشروع أنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا، الذي يتوقع أن يساهم بشكل كبير في تعزيز الأمن الطاقي لعدد كبير من البلدان الأفريقية.
وذكر العاهل المغربي في رسالة وجهها إلى المشاركين في اجتماع التجمع الأفريقي لوزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية للدول الأفريقية الأعضاء في البنك وصندوق النقد الدوليين، الذي افتتحت أشغاله أمس بمراكش، أن الحاجة تغدو ملحة أكثر من أي وقت مضى إلى مزيد من الدعم والتعاون الدولي؛ قصد تمكين الدول الأفريقية من تخفيف تداعيات التضخم التي دخلها الاقتصاد العالمي، وتعزيز قدرتها على الصمود في وجه الصدمات الخارجية. مشيراً إلى أنه في الوقت، الذي كان فيه العالم يتأهب لتجاوز تداعيات جائحة «كوفيد – 19»، دخل الاقتصاد العالمي في اضطرابات غير مسبوقة في سلاسل التوريد، وتزايد الضغوط التضخمية، مع ارتفاع قياسي في أسعار الطاقة والمواد الغذائية والمواد الخام.
وأبرز ملك المغرب في الرسالة، التي تلتها وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح العلوي، أن آثار هذه الأزمة تتفاوت بالنسبة للبلدان الأفريقية، كل حسب إمكاناته الاقتصادية واحتياجاته إلى المواد الأولية، لا سيما منها الطاقية أو الغذائية، لافتاً إلى أنه في ظل هذه الظرفية الصعبة «تبرز قارتنا الأفريقية كإحدى المناطق الأكثر تضرراً، سواء بسبب التهديد المتزايد لأمنها الطاقي والغذائي، أو لتراجع مستويات نموها الاقتصادي. علاوة عن تفاقم الأوضاع الاجتماعية في العديد من بلدانها».
وأضاف الملك محمد السادس، أن ارتفاع احتياجات التمويل، في سياق يتسم بندرة وتشديد شروط التمويلات الميسّرة، يؤدي إلى ارتفاع خدمة الديون بشكل حاد؛ مما يزيد من تأزيم الأوضاع الاقتصادية لعدد كبير من بلدان القارة. مشيراً إلى أن العديد من اقتصادات بلدان القارة تتسم بضعف تنوعها، واعتمادها بشكل كبير على صادرات المواد الأولية. كما أوضح الملك محمد السادس، أن هذه الاقتصادات تعاني من ارتهان قطاعاتها الفلاحية أساساً بالتقلبات المناخية، إضافة إلى ضعف الاستفادة من ثروتها الديمغرافية الهائلة.
ولمعالجة الاختلالات ومكامن القصور، اعتبر الملك محمد السادس، أنه بات من الضروري «تكثيف الجهود من خلال وضع برامج تنموية شاملة، بأهداف واضحة وآليات تمويل مبتكرة»، مشيراً إلى أن هذه التدابير يتعين أن «تضع المواطن الأفريقي في صلب اهتماماتها، وأن تعتمد بشكل أساسي على استثمار فرص التكامل الاقتصادي بين البلدان الأفريقية، والانخراط بشكل فاعل في دينامية التحول الرقمي، والانتقال الطاقي التي يعرفها العالم اليوم».
من جهة أخرى، أبرز العاهل المغربي التقدم المحرز على مستوى أجرأة منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية (ZLECAF)، الذي يشكل دليلاً إضافياً على قدرة القارة على تعزيز تكاملها الاقتصادي وفق رؤية مشتركة. وقال بهذا الخصوص، إن تفعيل هذه المنطقة في أقرب الآجال «سيمكن من تسريع اندماج الاقتصادات الأفريقية فيما بينها، وفي سلاسل القيمة العالمية، وكذا تكريس التعاون التجاري والاقتصادي جنوب – جنوب الذي نطمح إليه جميعاً»، مجدداً «الدعوة أيضاً لشركائنا، سواء على الصعيد الثنائي أو متعدد الأطراف، لمواكبة جهود التنمية المبذولة من قِبل دول قارتنا».