سلط تقرير حديث صادر عن شركة جونز لانج لاسال “جيه إل إل” المتخصصة في إدارة العقارات والاستثمارات واستشارات التطوير العقاري، الضوء على التغييرات البسيطة والسريعة التي يمكن إجراؤها في مصر، وسائر أنحاء القارة، لبدء خطوات انتقال بيئة المباني نحو الحياد الكربوني.
وتناول التقرير سبل خفض انبعاث الكربون من بيئة المباني، والتركيز على الطرق الكفيلة بالتصدي لتحديات المناخ، وتغير المناخ من منظور عقاري، ويتناول الدور البارز للشفافية العقارية في خفض نسب انبعاث الكربون، إضافة إلى قدرات الشراكات بين القطاعين العام والخاص في معالجة تغيرات المناخ، وأهمية سد فجوة التمويل، عبر التمويل المناخي والسندات الخضراء، وفقاً لبيان صحفي.
وتستضيف مصر مؤتمر الأمم المتحدة الإطارية “كوب 27” المعني بتغيير المناخ في مدينة شرم الشيخ خلال الفترة ما بين 6 و18 نوفمبر.
وذكر التقرير، أن القطاع العقاري يعتبر مسؤولاً عما يزيد على 40% من انبعاثات الكربون حول العالم، وذلك وفقاً لإحصائيات صادرة عن المجلس العالمي للأبنية الخضراء، ورغم أن العديد من البلدان لم تعمد حتى الآن لاتباع إجراءات صارمة لخفض نسب انبعاث الكربون في بيئة المباني، إلا أن بعض المدن مثل نيويورك، وسنغافورة، وباريس، ولندن، أدركت التأثير الهائل لمساهمة بيئة المباني في انبعاثات الكربون، وسارعت لاتخاذ تدابير محددة لخفض تلك الانبعاثات من العقارات في خطط أعمالها المناخية.
وقال أيمن سامي، رئيس مكتب جيه إل إل مصر: “من المهم لمصر، والدول الأخرى، أن يقوموا بمراجعة الخطط والإجراءات الخاصة بالمدن الأكثر تقدماً في مجابهة التغير المناخي، وأن يتبعوا خطواتها في تنفيذ واعتماد العقارات الملائمة والصديقة للبيئة، مع ضمان الموافقة مع المعايير الدولية في قياس الممتلكات، وهذا سيقود في نهاية المطاف إلى ضمان التزام الدولة بهدف تحقيق الحياد الكربوني، ووضع خطة للحفاظ على موارد الطاقة، وخفض انبعاثات الكربون عبر العقارات الجديدة والمُشيدة مسبقاً، إضافة إلى إنشاء برنامج وطني لإعادة تأهيل المباني”.
وأضاف، أن عدد الحكومات التي أدركت خطورة انبعاثات الكربون من المباني على المناخ ازداد، وبدأت بفرض معايير للتحقق من كفاءة الطاقة والحد من الانبعاثات في مبانيها، فضلاُ عن تبني فكرة شهادات المباني الخضراء، أما بالنسبة لدولة مصر، فإن الفرصة مؤاتيه لتشجيع المستثمرين، ومالكي العقارات، والمقيمين، على اتباع عقلية صديقة للبيئة، واتخاذ مبادراتهم الخاصة للعمل على وجه السرعة، دون انتظار الإجراءات التنظيمية لبدء العمل، لأن الحاجة باتت ماسة جداً للتصدي للطوارئ المناخية.
وأشار التقرير كذلك إلى إمكانية مصر في قيادة ودفع اجراءات بسيطة وسريعة وفعالة في قطاع العقارات، مثل تحديثات شبكات الإنارة بمصابيح LED، وتركيب الألواح الشمسية الكهروضوئية، والتي ستقلل بشكل كبير من الانبعاثات الناتجة عن استهلاك الكهرباء.
يشار إلى أن مصر وعلى مر الأعوام، كانت قد حقّقت تقدّماً ملحوظاً ساهم في تعزيز مكانتها كداعم لتمويل السندات الخضراء، لا سيما عبر إصدارها لأول سند سيادي أخضر في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (بقيمة 750 مليون دولار أمريكي) في سبتمبر 2020، وذلك بهدف تمويل خطة العمل المناخي وتحقيق أهدافها وطموحاتها في مجال الاستدامة.
وتابع التقرير: “على الرغم من ذلك، فلا توجد خطط تمويلية محددة مرتبطة بقطاع المباني حيث يتم أن عائدات سندات الدين تستخدم بشكل أساسي لتمويل أو إعادة تمويل المشاريع الخضراء في قطاع النقل، أي أنه يتم تخصيص 46% من إجمالي العائدات لتعزيز سكة حديد القاهرة الأحادية، بالإضافة إلى دعم مشاريع المياه النظيفة وإدارة شبكات الصرف الصحي بنسبة 54% من العائدات”.
وأضافك علاوةً على ذلك، صرّحت مصر عن حاجتها إلى 250 مليون دولار أمريكي لتركيب تقنيات التبريد الموفر للطاقة في المباني، و345 مليون دولار أمريكي إضافية للعمل على دمج تدابير كفاءة الطاقة والطاقة المتجددة ضمن الفنادق والمنتجعات، كما شددت الحكومة المصرية على حاجتها إلى الدعم الكامل من الدول المتقدمة، حتى تتمكن من تخصيص الموارد المالية والتكنولوجية والبشرية اللازمة للوفاء لتحقيق بنود خفض الانبعاثات التي وردت في اتفاق باريس”.
ووفقاً لمجموعة “تعقب العمل المناخي”، لن تتمكن مصر من تلبية أهداف درجات الحرارة المنصوص عليها ضمن اتفاق باريس بحلول عام 2030، إلا إذا قامت بتخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة بنسبة 25% على الأقل من مستويات الانبعاث الحالية.
ومن جانب آخر، تعد المساهمات المحددة وطنياً لتلبية أهداف درجات الحرارة المنصوص عليها ضمن اتفاق باريس، والتي حدثتها مصر مؤخراً، مشروطة بالحصول على تمويل يصل إلى 246 مليار دولار أمريكي، منها 196 مليار دولار أمريكي لإنجاز خطط تخفيف أثر الانبعاثات، و50 مليار دولار أمريكي مخصصة لإجراءات وخطط التكيّف
وإضافةً إلى الأهداف والطموحات التي وضعتها مصر بهدف مواجهة أزمة التغيُّر المناخي، أشار التقرير أيضاً إلى حاجة ملحة لتعزيز الإجراءات وتطويرها في سبيل تنفيذ تعهدات اتفاق باريس.
وأكد التقرير، أأنه يجدر بالبلاد أن تعزز مستوى تنفيذ قوانينها الحالية، وأن تحدد هدفاً طويل الأمد لصافي انبعاثات الكربون لتنضم بذلك إلى الدول الأخرى من حيث الجهود المبذولة للحد من أضرار تغير المناخ، والأخذ بعين الاعتبار دور بيئة المباني في توظيف تلك الجهود باعتبارها أحد أكبر المساهمين في تخفيض نسب انبعاثات الكربون حول العالم.