يعتمد اقتصاد الجزائر بشكل كبير على إيرادات النفط والغاز، في ظل تقلبات الأسعار وتداعيات تفشّي وباء كوفيد-19 على الأنشطة الاقتصادية، لذا تسعى لإجراء إصلاحات اقتصادية وإحداث تغيير في بيئة الاستثمار الأجنبي لتكريس قدراتها لمواجهة التحديات المالية.
وحددت الحكومة مجموعة إصلاحات من المرتقب أن تبدأ في العام الجديد، بهدف مواكبة تحول الطاقة الذي يهدد مستقبل النفط والغاز مع توقعات بأن تبلغ إيرادات النفط والغاز أكثر من 30 مليار دولار في عام 2021، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
وتتّسم الجزائر بأنها بلد مزدهر نسبيًا، بمقاييس بلدان شمال أفريقيا، نتيجة وفرة السلع الأساسية المدعومة، إضافة إلى الكهرباء والغاز، ناهيك عن مرتبتها المتقدمة في مجال التنمية البشرية، وفقًا لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ولذلك تسعى للحفاظ على مكانتها بصفتها دولة رفاهية.
التحديات المالية
أسفر تفشّي وباء كوفيد-19 عن زيادة أعباء المالية والاقتصادية على الجزائر، وأدى تراجع أسعار النفط في العام الماضي إلى ازدياد الحاجة لإجراء تغييرات عميقة في السياسات المتَّبَعة، وفقًا لما أوردته نشرة (المسح الاقتصادي للشرق الأوسط، ميس) في أكتوبر/تشرين الأول لعام 2020.
وأفادت نشرة (المسح الاقتصادي للشرق الأوسط، ميس) الصادرة قبل أيام، أن إجمالي العجز المالي المتراكم بلغ 160 مليار دولار منذ المرة الأخيرة التي سجلت فيها الجزائر فائضًا في عام 2008.
ويشمل ذلك عجزًا متوقعًا قدره 2.66 تريليون دينار جزائري (19.7 مليار دولار) لعام 2021، وفقًا لتقرير مشاورات “المادة الرابعة” الأخير لصندوق النقد الدولي عن الدولة، الذي نُشر في وقت سابق من هذا الشهر.
ويمثّل هذا العجز رقمًا قياسيًا من حيث قيمته بالدينار الجزائري، ويعادل 11.8% من الناتج المحلي الإجمالي.
وبينما يأتي العجز من حيث القيمة الدولارية إلى مستوى أدنى قليلًا من الرقم القياسي 20 مليار دولار زائدًا الأرقام المسجلة في عامي 2015 و 2016، من المقرر أن يسجل هذا العام ثالث أعلى معدل عجز، وهو أعلى حتى من مبلغ 17.3 مليار دولار المسجل في عام 2020.
يأتي ذلك العجز المالي على الرغم من التحسن الملحوظ في إيرادات النفط والغاز، التي تعززت نتيجة ارتفاع أسعار النفط والغاز هذا العام.
وتتوقع الجزائر أن تزيد إيرادات النفط والغاز على 30 مليار دولار في دخل تصدير النفط والغاز عام 2021، ما يشير إلى استحواذ الحكومة على نحو 18.6 مليار دولار، وفقًا لصندوق النقد الدولي.
ويقدَّر نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.2% هذا العام بعد انخفاضه بنسبة 4.9% في عام 2020، بينما يتجه الميزان التجاري لتحقيق أول فائض له منذ 8 سنوات، بحسب نشرة (المسح الاقتصادي للشرق الأوسط، ميس) الصادرة في15 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
ويشير آخر تقييم لمشاورات “المادة الرابعة” الصادر عن صندوق النقد الدولي إلى أن التوقعات لا تزال صعبة، ومن المتوقع انخفاض النمو تدريجيًا وركود إنتاج المواد الهيدروكربونية على المدى المتوسط.
في ظل سياسات الاقتصاد الكلي القائمة، من المتوقع أن يستمر التضخم في الارتفاع، وأن تنخفض الاحتياطيات الدولية إلى مستويات متدنية على المدى المتوسط، وسوف يزداد تقلّص الحيّز المالي، وسيرتفع الدين الحكومي ما يعرّض استدامة الاقتصاد الكلي للخطر.