عقد اجتماع البنك المركزي التونسي بعد الاطلاع على آخر التطورات على الصعيد الاقتصادي والنقدي والمالي في ظل تدهور الوضع الصحي العالمي بالعلاقة مع الانتشار السريع لوباء كورونا في موجته الثانية والذي استوجب العودة للحجر الصحي ولتدابير الإغلاق في العديد من البلدان، إضافة إلى ظهور سلالة جديدة من فيروس كوفيد-19 وهو ما أثار من جديد المخاوف بخصوص إمكانية تطويق الوباء وتبعاته على آفاق الاقتصاد العالمي.
وفي هذا السياق، أشار المجلس إلى أنه على المستوى الوطني وبالرغم من بوادر الاستئناف التدريجي، بعد الخروج من فترة الحجر الصحي، فإن النشاط الاقتصادي لا زال يعاني من تأثيرات الجائحة على الطلب الداخلي والخارجي في ظل القيود التي عادت لفرضها أهم البلدان الشريكة وهو ما يعيق تعافي القطاعات الصناعية الموجهة للتصدير وقطاع الخدمات لا سيما السياحة والنقل الجوي، إضافة إلى تذبذب إنتاج القطاعات الاستخراجية بالعلاقة مع المناخ السائد على المستوى الداخلي.
وبخصوص تطور الأسعار، سجّل المجلس التراجع الملحوظ لنسبة التضخم إلى حدود 4,9٪، بحساب الانزلاق السنوي في شهر نوفمبر2020، مقابل 5,4٪ قبل شهر و6,5٪ في نفس الشهر من السنة الماضية.
ويعزى ذلك إلى الانفراج المسجل على مستوى أسعار كل المواد وخاصة الغذائيّة منها (4,3٪ مقابل 5,6٪ في أكتوبر الماضي).
وفيما يتعلّق بأبرز مؤشرات التضخّم الأساسي، فقد حافظ “تضخّم المواد في ما عدا المؤطّرة والطازجة” في شهر نوفمبر 2020 على مستواه المسجل في الشهر السابق، أي 4,9٪، في حين واصل “تضخّم المواد في ما عدا الغذائيّة والطاقة” منحاه التنازلي ليبلغ 5,9٪ مقابل 6,1٪ قبل شهر.
وعلى مستوى القطاع الخارجي، لاحظ المجلس كذلك التقلص الهام لعجز ميزان الدفوعات الجارية، خلال الأشهر الإحدى عشر الأولى من سنة 2020، لينزل إلى 6,2٪ من الناتج المحلي الإجمالي مقابل 7,9٪ في نفس الفترة من السنة الماضية. ويعود ذلك، أساسا، لتقلص العجز التجاري تبعا لانخفاض الواردات بنسق أسرع من الصادرات بالعلاقة خاصة مع تراجع الطلب الداخلي وفتور النشاط الاقتصادي، إضافة إلى تقلص عجز ميزان الطاقة على إثر انخفاض الطلب على هذه المواد وتراجع أسعارها في السوق العالمية. وتجدر الاشارة أيضا إلى أن تحقيق مستوى جيد لمداخيل الشغل (+7٪) مكن من تغطية نسبة من العجز رغم الانخفاض الملحوظ للمداخيل السياحية ب 63,9٪.
وقد ساهمت هذه الوضعية في دعم مستوى الموجودات الصافية من العملة الأجنبية التي بلغت 22.924 م.د أو 160 يوم توريد بتاريخ 29 ديسمبر 2020 مقابل 19.125 م.د و108 أيام في نفس التاريخ من سنة 2019.
وإثر المداولة والنقاش حول المواضيع سالفة الذكر، أكّد المجلس أنه وبالنظر إلى الوضعية الاقتصادية الدقيقة والصعبة التي تمر بها البلاد أصبح من الضروري العمل على توفير الإطار الملائم لإنعاش الاقتصاد وتوضيح الرؤية للمتعاملين الاقتصاديين وتحسين المناخ لدفع الاستثمار الداخلي والخارجي الذي يمثل الرافد الأساسي للنمو والتشغيل. كما شدد على ضرورة التسريع في القيام بالإصلاحات الهيكلية لتحقيق استقرار التوازنات الاقتصادية الكلية مع وضع الآليات الكفيلة بحماية الفئات الهشة.
وفي سياق متّصل، ونظرا لتواصل تضرر المؤسسات والمهنيين في العديد من القطاعات بتداعيات تفشي وباء الكورونا، ولتحقيق الانسجام بين قرارات البنك المركزي التونسي وقانون المالية لسنة 2021، قرر المجلس التمديد في فترة تأجيل خلاص أقساط القروض الممنوحة المنصوص عليها بالفقرة الأولى من الفصل 2 من منشور البنك المركزي التونسي عدد 6 لسنة 2020 إلى موفى سبتمبر 2021 مع التمديد في الأجل الأقصى لمنح التمويلات الاستثنائية المنصوص عليه بالفصل الأول من منشور البنك المركزي التونسي عدد 12 لسنة 2020 إلى موفى ديسمبر 2021 بالإضافة إلى إعطاء الإمكانية للبنوك لمنح هذه التمويلات لفائدة المؤسسات غير المقيمة المنتصبة بالبلاد التونسية مع مراعاة الشروط الواردة بالمنشور عدد 9 لسنة 1999.