أكد محمد معيط وزير المالية المصري حرص وزارته على التواصل مع المستثمرين ومجتمع الأعمال لبحث كل ما يساهم في جذب المزيد من الاستثمارات وخلق فرص العمل ونقل التكنولوجيا ورفع معدلات التشغيل وزيادة الصادرات والمساهمة في تحقيق مستهدفات الموازنة العامة الجديدة 2023 – 2024.
ولفت إلى استهداف تحقيق نسبة نمو أكثر من 5.5 % وتحقيق فائض أولي بنسبة 2 % على الأقل وتخفيض العجز وتراجع المديونية تدريجياً كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال الوزير، خلال “مؤتمر أخبار اليوم الاقتصادي التاسع ” إنه حريص على التواصل مع المجتمع العلمي والأكاديمي، ومع مجتمع الأعمال بشقيه العام والخاص، في مجال السياسات المالية وما يتبعها من سياسات فرعية في مجال الضرائب والجمارك وغيرها، فضلا عن السعي دائماً إلى حوار مجتمعي أوسع كلما كان ذلك ممكناً، بشأن الجوانب الأكثر أهمية في السياسات المالية، كالموازنة العامة للدولة التي تؤثر وتتأثر بالجميع في هذا الوطن.
وقال الوزير إن مصر استطاعت اجتياز الشق الأول من الأزمة العالمية المتمثل في الآثار الاقتصادية والاجتماعية لجائحة “كورونا”، وعبرنا من الأزمة بأقل قدر من الأضرار، بل وبنسب نمو وتشغيل تقترب من المستهدف قبل الأزمة، وذلك بفضل نتائج المرحلة الأولى من الإصلاح الاقتصادي التي وجه بها وقادها الرئيس عبد الفتاح السيسي، وبفضل برامج الحماية الاجتماعية الواسعة وغير المسبوقة التي وجه بها وتابع تنفيذها الرئيس، والتي أدت إلى حماية الكثير من فئات الشعب الأولى بالرعاية، من الآثار الاقتصادية والاجتماعية لأزمة انتشار جائحة “كورونا”.
وأضاف أن العالم اقترب من الخروج من تداعيات أزمة “كورونا”، حتى جاءت الحرب الروسية الأوكرانية بآثارها السلبية الضخمة على الجميع في معظم قارات العالم، وكانت أعباؤها أكبر على كاهل الاقتصاد المصري، خاصة ونحن شركاء في مجالات اقتصادية عديدة للدولتين المتحاربتين روسيا وأوكرانيا.
وأشار إلى التأثير الهائل للحرب على أسعار الحبوب والسلع الأساسية والوقود، فضلا عن الجانب المالي الذي كان أشد وطأة على الدول النامية ونحن من بينها ليس فقط بسبب الآثار المباشرة للحرب على قطاعات الاقتصاد والأسواق المالية، ولكن أيضاً بسبب السياسات المتشددة التي اتبعتها الدول الكبرى في المجال المالي لحماية نفسها في مواجهة الأزمة، مما أدى إلى انسحاب سريع للأموال من الأسواق الناشئة، وإيجاد صعوبات أمام الدول النامية في توفير مصادر لتمويل التنمية بشروط مناسبة وتكاليف تمويلية يمكن احتمالها، الأمر الذي أوجد ضغوطاً على العملة المحلية، وما ترتب على هذه الضغوط من نتائج اقتصادية، تعاملت معها مصر من خلال مجموعة سريعة من التدابير.
وأشار إلى توقيع اتفاق جديد مع صندوق النقد الدولي جدد الثقة الدولية في الاقتصاد المصري وقدرته على مواجهة الأزمة، وما يتمتع به من مرونة في مواجهة الأزمات.
ولفت إلى الاتجاه الآن بدءاً من موازنة العام المالي الجديد 2023 – 2024 للعودة إلى استئناف السير في طريق النمو والانتعاش.
وأوضح الوزير أن أهم دروس الأزمة العالمية هو ضرورة الاعتماد الوطني على الذات خاصة في مجال السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج، لذلك كان الاهتمام المكثف بملف التصنيع وتوطين الصناعة وتشجيع الاستثمارات المحلية والوافدة
في هذا المجال.
وقال إن نمو الصناعة هو أحد أهم أدوات مواجهة عجز الميزان التجاري وتوفير العملات الأجنبية، وذلك من خلال إحلال السلع والمنتجات المحلية محل الواردات، وكذلك زيادة الصادرات الصناعية إلى الخارج حيث يمثل “العمل” أحد أهم مدخلات تحقيق القيمة المضافة في هذا النوع من الصادرات.
وأضاف أن الصناعة – إلى جانب الزراعة – هي أكثر القطاعات استقراراً في مواجهة التطورات والمتغيرات مقارنة بقطاعات أخرى كالسياحة والخدمات، مشيرا إلى أن توطين الصناعة هو طريق مصر للتحول الإيجابي في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وفي إحداث قفزات نوعية في مؤشرات الاقتصاد الكلي، وفي صلابة النشاط الاقتصادي المصري في مواجهة التأثيرات الخارجية.
ولفت إلى أنه لا يمكن تحقيق الأهداف في مجال التصنيع إلا بتشجيع الاستثمارات، وخلق بيئة مواتية وجاذبة للاستثمار، وتوفير كل سبل الدعم للمستثمرين.
وقال الوزير إن السياسات المالية تستخدم العديد من الأدوات لتشجيع الاستثمارات، من سياسات ضريبية وجمركية، وإعفاءات وتسهيلات في التمويل بتكاليف تمويلية مناسبة، في دعم مالي للصادرات والمشروعات، وتسهيل الإجراءات أمام المستثمرين والمصدرين والمستوردين.
وأضاف أن هذه الأدوات يتم استخدامها ليس فقط لتشجيع الاستثمار ولكن أيضاً لتوجيهه في مجالات معينة، كالاستثمار في مناطق جغرافية تتطلب المزيد من الاهتمام مثل سيناء ومحافظات الجنوب، ولتشجيع الاستثمار والصناعات في منتجات معينة مثل مستلزمات الإنتاج التي تمثل تحدياً يصعب أن يقوم به القطاع الخاص بدون دعم وحوافز من الدولة، وتشجيع صناعات تملك فيها مصر ميزات نسبية.
ولفت إلى إنه تم تطوير واسع في المنافذ الجمركية مما يساهم الإسراع بالإفراج عن السلع والبضائع، مما يقلل تكلفة التصدير والاستيراد لصالح المنتجين والمستهلكين والمصدرين في مصر.
وفي مجال دعم القطاع الصناعي، قال الوزير إنه صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بتحمل الخزانة العامة للدولة قيمة الضريبة العقارية عن بعض الأنشطة الصناعية بدءاً من العام الماضي ، وكذلك تحمل فروق بيع الطاقة الكهربائية والغاز الطبيعي للقطاع الصناعي، وتوفير حزم من الحوافز الضريبية والجمركية لتشجيع صناعة السيارات والصناعات الخضراء، كما تم إطلاق مبادرة دعم القطاعات الإنتاجية (الصناعة والزراعة) من خلال توفير تمويل بقيمة 150 مليار جنيه على مدى 5 سنوات بسعر فائدة مخفضة يبلغ 11 % على أن تتحمل وزارة المالية الفارق في سعر الفائدة.
ولفت إلى أن الحكومة أصدرت وثيقة سياسة ملكية الدولة واعتمدها رئيس الجمهورية، وهي الوثيقة التي كانت مطلباً من مجتمع الأعمال والخبراء على السواء، وهي وثيقة تفتح المجال والفرص أمام القطاع الخاص للشراكة مع
الدولة في عشرات المجالات والقطاعات، وللحلول محل ملكية الدولة في عشرات المجالات الأخرى، وتشجيع الاستثمار الخاص في مجالات عديدة.